ملاذات الشفاء في أحضان الطبيعة: أبرز وجهات السياحة الاستشفائية في العالم العربي
لم تعد السياحة في العالم العربي تقتصر على استكشاف الآثار التاريخية أو الاستمتاع بالشواطئ الفاخرة فحسب؛ بل برزت المنطقة في السنوات الأخيرة كواحدة من أهم "الوجهات العلاجية والاستشفائية" على الخارطة العالمية.
بفضل ما حبى الله به هذه الأرض من ينابيع حارة، وطقس جاف، ورمال ذات خواص نادرة، باتت الدول العربية قبلة للباحثين عن علاج الجسد وراحة الروح بعيداً عن صخب الحياة العصرية والمستشفيات التقليدية.
الأردن: "طبيب الجلدية" الطبيعي
يحتل الأردن صدارة الوجهات العالمية في هذا مجال السياحة الاستشفائية، متكئاً على "البحر الميت"، أخفض بقعة على سطح الأرض.
يعتبر هذا البحر منتجعاً طبيعياً مفتوحاً، حيث تتميز مياهه بملوحة عالية وكثافة معادن لا نظير لها، مما يجعلها علاجاً فعالاً للأمراض الجلدية المستعصية مثل الصدفية والأكزيما.
وإلى جانب البحر، تشكل "حمامات ماعين" بشلالاتها الحارة الغنية بالمعادن ملاذاً لمرضى الروماتيزم وآلام المفاصل، حيث تندمج متعة الاستجمام وسط الجبال الشاهقة مع الفوائد العلاجية للمياه الكبريتية.
مصر: دفء الرمال وعراقة الاستشفاء
وفي الجوار، تقدم مصر نموذجاً فريداً للسياحة الاستشفائية البيئية. تبرز "سفاجا" على ساحل البحر الأحمر كمركز عالمي لعلاج الصدفية والروماتويد، بفضل رمالها السوداء ذات الإشعاع الآمن ومياهها عالية الملوحة.
ولا يمكن إغفال "واحة سيوة" في قلب الصحراء الغربية، التي يقصدها الزوار في أشهر الصيف الحارة للقيام بـ "حمامات الرمل" في جبل الدكرور، وهي ممارسة شعبية متوارثة أثبتت نجاعتها في طرد السموم من الجسم وعلاج آلام العمود الفقري والمفاصل.
كما تزخر مصر بالعيون الكبريتية والمعدنية في حلوان وعيون موسى، التي تشكل مقصداً دائماً للباحثين عن الشفاء.
تونس: عاصمة العلاج بمياه البحر
شمالاً في المغرب العربي، حجزت تونس لنفسها مكاناً مرموقاً عالمياً، حيث تُصنف كواحدة من أفضل الوجهات (بعد فرنسا) في مجال "العلاج بمياه البحر" (Thalassotherapy) .
تنتشر المراكز المتخصصة على طول السواحل التونسية، مستخدمة مياه البحر والطحالب البحرية والطين في جلسات علاجية تجمع بين الرفاهية والاستشفاء، مما يجذب آلاف السياح الأوروبيين سنوياً لتجديد الحيوية وعلاج مشاكل الدورة الدموية والتوتر العصبي.
الخليج العربي: نهضة حديثة
ولم تغب دول الخليج عن هذا المضمار؛ حيث تجمع بين الموارد الطبيعية والبنية التحتية المتطورة.
ففي الإمارات، وتحديداً في العين ورأس الخيمة، توجد ينابيع "عين خت" و"المبزرة الخضراء" التي توفر مياهاً كبريتية حارة وسط خدمات فندقية راقية.
بينما تشتهر المملكة العربية السعودية بوجود عيون حارة في منطقة جازان والأحساء، يجري العمل على تطويرها لتصبح وجهات عالمية ضمن رؤية المملكة السياحية.
إن السياحة الاستشفائية في المنطقة العربية ليست مجرد قطاع اقتصادي واعد، بل هي رحلة عودة إلى الطبيعة لاسترداد العافية. بين طين البحر الميت، ورمال سيوة الذهبية،
ومراكز تونس المتطورة، يجد الزائر العربي والأجنبي توليفة نادرة من العلاج والاستجمام، تؤكد أن المنطقة تمتلك "صيدلية طبيعية" قادرة على منافسة أرقى المنتجعات الصحية في العالم.



